وأما حكمُ ثبوت رمضان بواسطة المذياع (الراديو) من بعض مراكز الإذاعة في البلاد الإسلامية، فإن إذاعةَ الراديو الخبرَ بثبوت رمضان في بلد مركز الإذاعة لا يثبت به رمضان عند السامعين ثبوتًا شرعيًّا يترتب عليه وجوبُ الصوم، لكون المخبِر بذلك واحدًا ولا يُعرف حالُه في العدالة، ولا هو موجَّهٌ مِنْ طَرف قاضي البلد، ولا من طرف أميرها. فإذا سمعه الرجلُ في خاصة نفسه لا يجب عليه الصوم، وإذا سمعه القاضي لا يبني عليه ثبوتَ الشهر الثبوتَ العام. ومَنْ يصبح لأجله صائمًا، فلا اعتدادَ بصومه، وهو كصيام يوم الشك.
فإذا اصطلح قضاةُ أمصار الإسلام التي بها مراكزُ إذاعة على تنظيم الإخبار بثبوت الشهر لدى أحدهم بواسطة المذياع، فيلزم أن يعيِّن كلُّ واحد منهم رجلًا يُوجَّه من طرف القاضي للإخبار بأن الشهر ثبت عند القاضي، ويجعلوا علامةً لفظية يصطلحون عليها، لا يطلع عليها غيرُ القضاة المتخابرين، وتُجدَّدُ لكل شهر من أشهر العبادة.
فإذا نطق المخبِرُ الموجَّه من طرف القاضي في مركز الإذاعة بخبر ثبوت الشهر أردف خبرَه بالنطق بتلك العلامة، فيكون ذلك من قبيل خطاب القضاة، مثل معرفة الخط ومعرفة الختم والشكل. فحينئذٍ يثبت الشهرُ لدى القاضي المخاطَب (بالفتح)، وهو يعلم به أهلَ ولايته على الطرق المعتادة في الإعلام التي أشرنا إليها آنفًا.