(٢) وقد رأينا وسمعنا طوائف من الشادين في العلم والفكر يتقحمون شؤون الفتوى، ويتجاسرون على أحكام الشريعة، ويتطفلون على قضايا الفكر بدون تأهل ولا عدة، فَيضِلون ويُضِلون، ويُهلِكون ويَهلَكون. فهم كما قال ابن تيمية عليه رحمة الله: من أنصاف العلماء إن لم يكونوا أقل، أولئك الذين يفسدون الأديان، مثلما يهلك أنصافُ الأطباء الأبدان. فمنهم من إن سألته عن المصنفات التي عليها مدار الفقه والفتوى في هذا المذهب أو ذاك رأيته يشرق ويغرب ولا يأتي بطائل. ومنهم من إن سألته عن الآياتِ والأحاديث التي هي المرجع في الباب الذي تندرج فيه المسألة التي يفتي فيها تلعثم وبلع ريقه وأعاد بلعه مرّة بعد أخرى، ثم راح يخبط يمينًا وشمالًا، ذاكرًا من النصوص ما كان ذاكرًا، تاركًا لك أن تختار منها ما كان مناسبًا للمسألة محل البحث!