للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تقرر هذا، فالإخبارُ بواسطة التلفون يلزم أن تعرضه على قاعدة ثبوت الشهر شرعًا، ولا تُجريه (١) على اعتبارات الناس في مخاطباتهم العادية. فإذا كان الإخبارُ بالتلفون واردًا إلى قاضي البلد الذي لم يُرَ فيه الهلالُ، فإن كان ذلك الْمخبِر (بالكسر) قاضيًا في بلد ثبت لديه الشهر، وكان الْمخبَرُ (بالفتح) قد تحقق صوتَه أو اصطلحا على علامةٍ بينهما لم يطلع عليها غيرُهما كما نفعله في تونس في علامة الرسائل البرقية المنبئة برؤية هلال رمضان، فذلك الخطابُ التلفوني يثبت به الشهرُ عند الْمخاطَب (بفتح الطاء). وهو من باب خطاب القضاة. والمصير إلى التخاطب بالرسائل البرقية (التلغراف) في ذلك أولَى، وأبعدُ عن الريبة. وكذلك إذا كان المخبِرُ (بالكسر) نائب القاضي المخبر، مثل إخبار قضاة الكور لقاضي الجماعة.

وإن كان المخبِر (بالكسر) غيرَ قاض ولا نائبًا عن المخبَر (بالفتح)، فيُشترط في قبوله لدى القاضي المخبَر (بالفتح) أن يكون خبرَ عدلين معروفين بالعدالة لدى القاضي المخبَر (بالفتح) يخبرانه بأن عدلين يعرفان عدالتَهما رأيا الهلال، أو أن جماعةً مستفيضة رأته، أو أنه ثبت لدى قاضي البلد الذي به المخبران. ويلزم أن يتحقق القاضي الْمخبَر (بالفتح) صوتَهما، وأن يكون إخبارُهما بصريح الشهادة بكونهما سَمِعَا من العدلين أو من المستفيضة أو من القاضي الذي ثبت لديه الشهر. (٢)

واعلم أنه كما يثبت الشهرُ عند القاضي وعند كل مَنْ له ولايةٌ تُخوله الإعلانَ بثبوت الشهر إذا تلقى الإعلامَ بذلك من القاضي أو نوابه مثل العمال ونوابهم في البلدان والبوادي على الطريقة التي يتلقون بها أوامرَ رؤسائهم في معتاد أشغالهم، كما يثبت عند عامة الناس بالعلامات الاصطلاحية المؤذنة بثبوت الشهر، مثل طلق


(١) جاء الحرف الأول في لفظة "تعرضه" تاءً واضحة، بينما تردد في لفظة "تجريه" بين التاء والنون، فأجريتهما على نسق واحد من قبيل توجيه الكلام إلى المخاطَب، وإن كان يمكن إجراؤهما على ضمير الجمع المتكلم، بحيث تقرأ اللفظتان بالنون في أولهما على النحو الآتي: "يلزم أن نَعرضه على قاعدة ثبوت الشهر شرعًا، ولا نُجري. . ."
(٢) الحطاب: مواهب الجليل، ج ٣، ص ٢٨٥ - ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>