وجعلت الشريعةُ أحكامَ بُطلان ما حاد عن قوانين الشريعة، مثل النسب الناشئ عن الزنَي، وعن الاستبضاع، وعن البغاء، وعن إلاطة البغايا أنسابَ ما يولد لهن بِمَنْ يرينه من الذين يغْشوْنَهن. (١)
(١) وذلك ما بينه حديث عائشة رضي الله عنها، "عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن النكاح في الجاهلية كان على أربع أنحاء: فنكاحٌ منها نكاح الناس اليوم: يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته، فيصدقها ثم ينكحها. ونكاحٌ آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا، حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه. فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبةً في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع. ونكاح آخر: يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة، كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل أن يمتنع، حتى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تُسَمِّي مَنْ أحبت باسمه فيلحق به ولدُها، لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل. ونكاح رابع: يجتمع الناس كثيرًا، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا، كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علمًا، فمن أراد دخل عليهن. فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها، جُمِعوا لها، ودعوا القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاط به، ودعي ابنه، لا يمتنع من ذلك. فلما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحق، هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم". صحيح البخاري، "كتاب النكاح"، الحديث ٥١٢٧، ص ٩١٧. - المحقق.