للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الوصف خفيًّا أو غير منضبط، فهو المظنة، وهي أضعف. فأما إن فات مقصدُ الشارع قطعًا، فهو غيرُ معتبَرٍ إلا عند الحنفية، خلافًا لغيرهم. وليس قولُ الحنفية مستندًا لنص حتى يمكن ادعاءُ أنه حكم تعبدي، كاستبراء جارية اشتراها بائعها في مجلس واحد بحيث لم يغب بها. ويستثنى من ذلك أمةُ المعتوه والمجنون، فولداهما لاحقان بِمَنْ يملكها لتعذر الدعوة منهما. (١)

١٦ - لا يُشترط في ثبوت الفراش للحرة ولا للأمة إمكانُ الوطء، فلو عقد مشرقيٌّ على مغربية أو بالعكس، أو ملك أمةً مستوفاة كونَها أمَّ ولد، وبقي كلٌّ من الزوجين في وطنه ثم أتت المرأة بولد لستة أشهر أو أكثر من العقد، لحق الولدُ بالزوج، وكذلك إن أتت الأمة المتحقق كونُها فراشًا بولد من وقت تحقق كونها فراشًا. (٢)

ودليلُ هذا الاستحسان، لأن النسب يُحتال لإثباته، فيكتفى فيه بالإمكان العقلي، وهو احتمالُ أن يصل إليها الزوجُ أو السيد بطريقة ما. ولهذا خالف هذا الحكمُ حكمَ مَنِ ادعت أنها ولدت ممن عقد عليها أو ملكها منذ أقل من ستة أشهر. (٣)

أقول: هذه اشتهرت عن الحنفية بمسألة لحاق نسب ابن المغربية بالمشرقي، وجعلها علماء أصول الفقه مثالًا لصورة التعليل بالوصف المقطوع بخلوه عن المقصد الشرعي، فلم يعتبره إلا الحنفية. (٤) الفراش حوز النسب، وبه تثبت بنوة المولود لأمه، ويتعين شخص الولد بشهادة القابلة. (٥)


(١) الدر المختار، ص ٥٥ جزء ٣.
(٢) الدر المختار ورد المحتار، ص ٩٧٤ جزء ٢؛ وشرح النووي على صحيح مسلم، ص ٣٥٧ جزء ٣.
(٣) كنز الدقائق بشرح الزيلعي، ص ٣٩ جزء ٣.
(٤) المحلي على جمع الجوامع، مطبعة بولاق بمصر ١٢٨٥ هـ، ص ٢٢٧.
(٥) الدر المختار ورد المحتار، ص ٩٧٥ ص ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>