للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَادٍ كَجَوْفِ الْعَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه ... بِهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالْخَلِيعِ المُعيَّلِ (١)

وكان أولياءُ الرجل وعشيرتُه في الجاهلية يؤاخَذون بجناية مولاهم. فإذا كان أحدٌ منهم شاطرًا خبيثًا، فأراد أولياؤه أن يتبرَّؤُوا مِنْ أن يُؤاخَذُوا بجنايته، أظهروا ذلك للناس، وسَمَّوْا فعلَهم ذلك خلعًا والمتبَرَّأ منه خليعًا، فلا يؤاخَذون بجنايته ولا يؤاخَذُ هو بهم. (٢)

وفي الحديث: "وقد كانت هُذيلٌ خلعوا خليعًا لهم في الجاهلية فقتلته خزاعة"، اغترارًا بأنه لا يقوم بدمه أحد، فوداه النبي - صلى الله عليه وسلم - من ماله يوم الفتح، وأعلم الناسَ بأن الخلع لا عبرةَ به. (٣)


(١) ديوان امرؤ القيس، نشرة بعناية عبد الرحمن المصطاوي (بيروت: دار المعرفة، ط ٣، ١٤٢٧/ ٢٠٠٦)، ص ٥١ (وهو البيت رقم ٤٩ من المعلقة)؛ ديوان تأبط شرًّا، نشرة بعناية عبد الرحمن المصطاوي (بيروت: دار المعرفة، ١٤٢٤/ ٢٠٠٣)، ص ٦٢ (من قصيدة: كلانا طوى كشحًا، وهي كذلك من بحر الطويل).
(٢) قال ابن منظور: "والخليع: الرجل يجني الجنايات يُؤخذ بها أولياؤه فيتبرؤون منه ومن جنايته ويقولون: إنا خلعنا فلانًا، فلا نأخذ أحدًا بجناية تُجنى عليه، ولا نؤاخذُ بجناياته التي يجنيها، وكان يسمى في الجاهلية الخليع". لسان العرب، ج ٨، ص ٧٧. - المحقق.
(٣) جزء من حديث أبي قلابة، جاء فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودى قتيلًا، ولكن دون ذكر أن ذلك كان يوم الفتح. ومما قال أبو قلابة: "وقد كان في هذا (يعني القسامة) سنَّة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دخل عليه نفر من الأنصار، فتحدثوا عنده، فخرج رجلٌ منهم بين أيديهم فقُتل، فخرجوا بعده، فإذا هم بصاحبهم يتشحَّط في الدم، فرجعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، صاحبنا كان تحدَّث معنا، فخرج بين أيدينا، فإذا نحن به يتشحَّط في الدم، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بمن تظنُّون، أو ترون، قتله). قالوا: نرى أن اليهود قتلته. فأرسل إلى اليهود فدعاهم، فقال: "آنتم قتلتم هذا؟ " قالوا: لا، قال: "أترضون نفل خمسين من اليهود ما قتلوه؟ " قالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين، ثم ينتفلون، قال: "أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم؟ " قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه من عنده". ثم قال: "قلت: وقد كانت هذيل خلعوا خليعًا لهم في الجاهلية، فطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء، فانتبه له رجل منهم، فحذفه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل، فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم، وقالوا: قتل صاحبنا، فقال: إنهم قد خلعوه، فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>