للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتادة وعكرمة ومقاتل وطاووس والشعبي والسدي والضحاك. وهو الذي اقتصر عليه البخاري في كتاب التفسير، وعياض في الباب الأول من كتاب الشفاء. (١)

وعلى ذلك التفسير تكون "في" - من قوله تعالى: "في القربى" - تعليلية. ومما لا يشك فيه المضطلع بأسرار كلام البلغاء أن التعليلَ الذي يُستفاد بـ "في" غيرُ التعليل الذي يُستفاد بلام التعليل؛ لأن التعليل بـ "في" إنما هو معنًى عارضٌ لها متفرِّعٌ عن معنى الظرفية الأصلي فيها؛ فإن "في" قد تُستعار للظرفية المجازية. ومن صور تلك الظرفية المجازية أن تنزل علةُ الشيء وسببُه منزلةَ الظرف الواقعُ الشيءُ فيه، لِمَا في المجاز من الدقة والبيان. وذلك مقتضى العدول عن الحقيقة إلى المجاز، فلله در الشيخ صاحب البحث من تطرقه إلى بيان موجب العدول عن لام التعليل إلى حرف الظرفية.

أما ما ارتآه من إشعارِ حرف الظرفية بأضعف مما يشعر به حرفُ التعليل في التسبب فلا أشايعه عليه، ولا أحسبه مرادًا من استعمال العرب. ألا ترى قولَ الحماسي - وهو سبرة (بن عمرو) الفُقعسي - من شعراء الجاهلية:


= وبينكم من القرابة"". صحيح البخاري، "كتاب التفسير"، الحديث ٤٨١٨، ص ٨٥١. وانظر كذلك "كتاب المناقب"، الحديث ٣٤٩٧، ص ٥٨٨.
(١) قال القاضي عياض تعليقًا على قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]: "أَعْلَم الله تعالى المؤمنين، أو العرب، أو جميع الناس - على اختلاف المفسرين مَن الْمُواجَهُ بهذا الخطاب - أنه بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يعرفونه، ويتحققون مكانه، ويعلمون صدقه وأمانته؛ فلا يتهمونه بالكذب، وترك النصيحة لهم، لكونه منهم، وأنه لم يكن في العرب قبيلة إلا ولها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولادة أو قرابة. وهو عند ابن عباس وغيره معنى قوله تعالى: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: ٢٣] ". اليحصبي، القاضي أبو الفضل عياض بن موسى: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (بيروت: دار ابن حزم، ١٤٢٣/ ٢٠٠٢)، ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>