للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شهر رجب. (١) ولم يتكلم شراحُ الموطأ في هذا الأثر بكلام شاف؛ فمنهم من سكت، ومنهم مَنْ أجمل، وذلك دليلُ حيرتهم فيه. وذكر أبو الوليد الباجي في المنتقى احتمالاتٍ في المراد منه كلُّها مدخولة. (٢)

وكلامُ الموطأ صريحٌ في أن هذا الكلام كان يتكرر من عثمان في هذا الشهر من كل عام، لقول الراوي: "كان يقول". فقول عثمان: "فمن كان عليه دين" إلخ، يعين أن يكون مرادُ عثمان بقوله "زكاتكم" زكاةَ النقدين وما في معناهما من التجارة


(١) لم أجده لا في المنتقى للباجي، ولا في القبس والمسالك لابن العربي، ولا التمهيد والاستذكار لابن عبد البر، ولا في غريب الموطأ لعبد الملك بن حبيب. وهو عند الزرقاني ونقله عنه اللكنوي، قال: " [قوله]: هذا شهر زكاتكم، قيل: الإشارة لرجب وإنه محمولٌ على أنه كان تمام حول المال، لكن يحتاج إلى نقل. ففي رواية البيهقي المذكورة عن الزهري: ولم يسم لي السائبُ الشهر، ولم أسأله عنه". الزرقاني: شرح الزُّرقاني على موطأ الإمام مالك، ج ٢، ص ١٤١؛ موطأ الإمام مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني مع التعليق الممجد على موطأ محمد شرح العلامة عبد الحي اللكنوي، تحقيق تقي الدين الندوي (بوميائي: دار السنة والسيرة/ دمشق: دار القلم، ط ١، ١٤١٢/ ١٩٩٢)، ج ٢، ص ١٣٠ - ١٣١. وقال ابن رجب: "وأما الزكاة فقد اعتاد أهلُ هذه البلاد إخراجَ الزكاة في شهر رجب، ولا أصلَ لذلك في السنة، ولا عُرف عن أحد من السلف. ولكن رُوي أن عثمان خطب الناس على المنبر فقال: هذا شهرُ زَكاتِكُم، فَمَنْ كان عليه دينٌ فلْيُؤَدِّ دَيْنَه، وليزكِّ ما بقي، خرجه مالك في الموطأ. وقد قيل: إن ذلك الشهر الذي كانوا يخرجون فيه زكاتهم نُسي فلم يُعرف. وقيل: بل كان شهر المحرم؛ لأنه رأس الحول، وقد ذكر الفقهاء من أصحابنا وغيرهم أن الإمام يبعث سعاته لأخذ الزكاة في المحرم. وقيل: بل كان شهر رمضان لفضله وفضل الصدقة فيه. وبكل حال، فإنما تجب الزكاة إذا تم الحول، فكل أحد له حولٌ يخصه بحسب وقت ملكه للنصاب، فإذا تم حوله وجب عليه إخراجُ زكاته في أي شهر كان". ابن رجب الحنبلي الدمشقي، زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، تحقيق عامر بن علي ياسين (الرياض: دار ابن خزيمة، ط ١، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ص ٢٨٩.
(٢) قال الباجي: "قوله: هذا شهر زكاتكم، يحتمل أن يقول هذا لمن عرف حاله في الحول، ويحتمل أن يريد أنه الشهر الذي جرت فيه عادةُ أكثرهم بإخراج الزكاة فيه، إن كان يريد العين وإن كان يريد الماشية والذي يجب إخراج الزكاة فيه، ليتمكن من بعث السعاة ذلك الوقت، فيؤخذ الزكاةُ فيها ولا يحتسب لهم في شيء من ذلك بما عليهم من الدَّين". المنتقى، ج ٣، ص ١٦٤. وقد تابع الباجي في كلامه ابنُ العربي بصورة حرفية. انظر المسالك، ج ٤، ص ٤١ - ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>