للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والديون. فيدلنا ذلك على أن المسلمين كانوا قد جعلوا شهرَ رجب مبدأَ العام التجاري، ففيه يعقدون عقودَ القراضات، ويتحاسبون على الديون. وهذا من المعروف في كل قطر أن يكون لهم شهرٌ يعتبرونه مبدأ سنةِ نوعٍ من المعاملات، نظيرَ ما عندنا بتونس في أكرية الرباع وفي أكرية الأرضين.

فمَنْ لم يكن ضابطًا لمبدأ حول النقدين عنده (ويكثر عدمُ الضبط في ذلك) يصير إلى الحول المعين عند أصحاب المعاملات، فيزول الإشكالُ الذي عرض لشرَّاح الموطأ في هذا الأثر. ولولا أن أهلَ تونس في القديم اعتبروا هذا المعنى كما اعتبره الذين خاطبَهم الخليفةُ الثالث، لمَا جاز لأحدٍ تأخيرُ زكاته إلى وقت معين إذا كان قد مضى على النصاب عنده عام، فإن مرورَ الحول على نصاب زكاة المال المقتنَى يختلف باختلاف أحوال اجتماع نُصب الأموال عند أربابها. والأمر سهلٌ إذا عسر ضبطُ مبادئ الأعوام بالنسبة لغالب الناس، فيُجعل يومُ عاشوراء هو وقت زكاة النقدين والتجارة.

فأما زكاة النقدين، فهي في الذهب والفضة المسكوكين، وفي قطع الذهب والفضة غير المُعَدَّة للباس المأذون فيه شرعًا، إذا مر عليها حولٌ وهي في ملك صاحبها. فأما الذهبُ فتجب فيه الزكاةُ إذا بلغ منه مقدارَ عشرين دينارًا شرعيًّا فصاعدًا، مضى عليها الحول. والدينار الشرعي وزنُه أربعةُ غرامات وعشرون سنتغرام من الذهب الخالص غير المخلوط. وحيث كانت السكةُ الذهبية في ممالك العالم المتمدن مخلوطةً على نسبة تسعين غرامًا وأربعين سنتغرام من سكة الذهب المعروفة، أعني مقدار أربع عشرة قطعة وخُمُسَيْ قطعة من قطع اللويز، وذلك صرفُ ألف وتسعمائة وخمسين فرنكًا فصاعدًا بحساب رواج اللويز (١) اليوم في صرفه بسكة الفضة أو بكوارط البنك. (٢) وإذا كان الذهبُ أكثرَ خلطًا بالنحاس كذهب تونس


(١) قطع الذهب.
(٢) Bank notes.

<<  <  ج: ص:  >  >>