المصوغ المعبَّر عنه بذوق تسعة، يكون النصابُ منه ضعفَ هذا المقدار تقريبًا، ويُخرِجُ المزكِّي على جملة ما عنده من الذهب رُبُعَ العشر، أعني اثنين ونصفًا في المائة.
وأما الفضة فنصابُها مائتا درهم، والدرهم وزنُه ثلاثةُ غراماتٍ من الفضة الخالصة. وحيث كانت الفضة المسكوكة في الممالك المتمدنة مخلوطةً بنسبة ٨٣ جزءًا ونصف في المائة من الفضة وستة عشر جزءًا ونصف في المائة من النحاس، فنصابُ الفضة ستمائة غرام فضة خالصة، فإذا زيد عليها ما يعادل ما في الفضة من الخلط يكون نصابُ الفضة ٧٠٠ غرام من سكة الفضة، وذلك مقدارُ سبعمائة فرنك فصاعدًا من سكة فرنسا وتونس الفضية الرائجة الآن بالمملكة التونسية. وعلى هذا التقدير يجري العملُ في بلاد الإسلام بنسبة صرف الغرام من الفضة، ويخرج المزكي عن ذلك ربع العشر.
واعلم أن المرجع في تقدير نصاب الزكاة للدرهم الشرعي، وهو الذي يساوي ثلاثةَ غرامات من الفضة الخالصة، وهذا الدرهم هو المسمَّى بدرهم الكيل. وإنما سمي بدرهم الكيل؛ لأن الخليفة عبد الملك بن مروان رحمه الله جعل الدرهمَ الشرعي هو وحدةَ المكاييل. قال فقهاؤنا: الدرهمُ الشرعي هو المسمَّى بدرهم الكيل، وهو خمسون حبةٍ وخُمُسَا حبة من مطلق الشعير. وسمي درهم الكيل؛ لأنه بتكييل عبد الملك بن مروان (أي بتحقيقه)، ولأنه تُقَدَّر به المكاييلُ الشرعية من أوقية ورطل وصاع ومد.
أما درهم النقد فأصنافٌ شتَّى في العصور المختلفة من عصور الإسلام، كما هو الحال في المكاييل. والدرهم الشرعي هو درهمٌ من دراهم النقد في عصر الدولة الأموية والدولة العباسية، والعبرةُ بالدرهم الذي بينته. وأما تذاكر البانكة المعبَّرُ عنها بالكوارط، فإنها تعتبر مقاديرُها المرسومة عليها، فالنصابُ من كوارط بنك فرانسا والجزائر هو مقدارُ سبعمائة فرنك فأكثر، ويخرج عنها ربع العشر، أعني اثنين ونصفًا في المائة. وذلك لأن الكوارط هي في الأصل بمنزلة ديونٍ وأماناتٍ عند