يوميّا. فلذلك لم يكن مانعٌ من ترويج أوراق بأكثر من رأس مال البانكة، فتحصل من ذلك الترويج أرباحٌ كثيرة تناسب المقاديرَ الحاصلة من جميع الأوراق، مع أن رأس المال في الواقع دون ذلك. وقد يعرض من الأزمات ما يقتضي تعطيلَ الدفع، إما لإفلاس البانكة، أو لوضع الدولة يدَها على النقود التي في البانكة في أوقات الحروب لصرفها في التجهيزات ونحوها، مما لا بدَّ فيه من المال، والحساب يكون بعد انتهاء الأزمة.
وهذا النوع الثالث من البنوك يتعاطى أعمالَ القسمين الأولين أيضًا، وكلها إما أن تكون من تأسيس الشركات التجارية، أو أفراد التجار، أو تؤسسها الدولة مثل البنك الفرنساوي. (١)
والقسم الثالث منها الذي يروِّج أوراقًا لا بدَّ له من ضمانِ الحكومة واطلاعها على مقدار رأس ماله، وعلى برنامج نظامه مع الاتفاق معها على المقدار الذي يمكن ترويجه من الأوراق على نسبةٍ مصطلح عليها عند علماء الاقتصاد بين رأس المال والترويج، لتحصل بمراقبة الدولة لها وضمانها في أعماله ثقةُ الناس بالأوراق التي تروجها، فتروج بينهم رواجَ النقدين، وليدخل المدلسون لأوراقها تحت قانون العقوبات الصارمة المؤسسة لمدلسي النقود.
فتذاكرُ البنوك هي أوراقٌ مالية مقدرة بمقادير من السكة الرائجة، ويستحق حاملُها قبضَها من البانكة المروجة لها. ولها رواجُ النقود في البلد الذي تأسست فيه، بحيث إنها حججُ ديونٍ مضمونة حالة محصلة على ثقة الناس في الوفاء بها، وتيسير استخلاص ما فيها في كل وقت إلا في أحوال نادرة الحصول.
(١) أسس المصرف المذكور سنة ١٨٨٤ م بعد ثلاث سنوات من وقوع تونس تحت الهيمنة الفرنسية بموجب معاهدة باردو التي أجبر ملك البلاد على توقيعها سنة ١٨٨١ م، وسميت زورًا وبهتانًا بمعاهدة الحماية.