(٢) وقد تباينت الأقوالُ في تعديله وتجريحه، فقال فيه يحيى بن معين: "لا ثقة، ولا مأمون"، وقال أبو زرعة الرازي: "منكر الحديث"، وقال أبو حاتم: "ليس بقوى"، وقال فيه البخاري: "فيه نظر" و"عنده مناكير". أما أحمد بن حنبل فقال مرة: "لم يكن عندى ممن يكذب"، وقال، حين ذكر له أنه صنف في معائب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب: "ليس هذا بأهل أن يُحَدَّث عنه". وسئل يحيى بن معين عن حديثه، فقال: "لا بأس به"، ثم سئل إن كان صدوقًا، فأجاب: "نعم، كتبت عنه". وقال الحاكم: "ليس بالقوى عندهم"، يعني عند أهل العلم بالحديث. (٣) الكُميت هو الكميت بن زيد بن خُنيس بن مجالد بن وُهَيب الأسدي، لقبه أبو المستهل، وينتهي نسبه إلى مُضَر، وهو ابن أخت الشاعر الكبير الفرزدق. ولد في الكوفة سنة ٦٠ هـ، وقضى شطرًا من صباه في مسقط رأسه، حيث تغذى فكره بما كان من ذكرى ثورة الحسين بن علي - رضي الله عنه - واستشهاده وبروح التمرد على حكم الأمويين. كان الكميت في مطلع حياته يعلّم الصبيان في مسجد الكوفة، ثم نبغ في الشعر حتّى أضحى من فحول الشعراء في عصره، وهو من أوائل شعراء الإسلام الذين جعلوا من الشعر أداة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية، وكان ناطقًا بلسان الهاشميين في معارضتهم بني أمية، له ديوان مشهور بالهاشميات. تُوُفِّيَ الكميت بالكوفة في خلافة مروان بن محمد سنة ١٢٦/ ٧٤٤ بعد عام واحد من خلافته. والعبسي هو شريح بن أوفَى بن يزيد بن زاهر بن جزء، أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. كان من فرسان علي بن أبي طالب على ميسرة جيشه، قتل في معركة النهروان سنة ٣٨ هـ. وأما أبيات الكميت التي يشير إليها المصنف فهي قوله: طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ ... وَلَا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ وَلَمْ يُلْهِنِي دَارٌ وَلَا رَسْمُ مَنْزِلٍ ... وَلَمْ يَتَطَرَّبْني بَنَانٌ مُخَضَّبُ وَلَا السَّانِحَاتُ الْبَارِحَاتُ عَشِيَّةً ... أَمَرَّ سَلِيمُ الْقَرْنِ أَمْ مَرَّ أَعْضَبُ؟ =