للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس من مناسِبِ المقام أن يسألَهم مودةَ أهل بيته وأقاربه؛ لأن ذلك لا غَناءَ له في غرض الآية.

وأما الوجه الثاني في تفسيرها فليس بباطل؛ إذ قد قال به جمعٌ من التابعين، مثل عمرو بن شعيب وسعيد بن جبير وعلي بن الحسين، وذكره صاحب الكشاف، (١) ولم يذهب إليه أحدٌ من الصحابة، وإني أراه مرجوحًا وضعيفًا. وقد روى البخاري إنكارَ ابن عباس على سعيد بن جبير في تفسير الآية به، (٢) ولم يعرج على ذكره عياضٌ في فصل وجوب البر بآل محمد - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الشفاء.

وعلى هذا الوجه يكون في قوله تعالى: "في القربى" حذفُ مضاف، أي: في ذوي القربى، وتكون "في" مستعملة في الظرفية المجازية بأن جعل أهلَ قرابة الرسول كالمكان لاستقرار المودة، كما صرح به في الكشاف. (٣)


= جدّه المضرحي. أما لفظ "القتّال" فلقب غلب عليه لتمرده وفتكه. وهو شاعر إسلامي من بني عامر بن صعصعة، كان معاصرًا للراعي النميري والفرزدق وجرير في عصر الدولة المروانية. يمثل القتّال الكلابي حالة متطرفة لمقاومة كل ما سنته الدولة من تنظيمات، كما يمثل الثورةَ على الاستقرار، ويمعن في حماية نقاء الدم بين أفراد القبيلة. وقد عكس في شعره أنواع الصراع الذي كانت تشهده البادية في عصره. فمن قصائده ما هو صورة للمنازعات القبلية، وخاصة بين بني جعفر وأبناء عمومتهم بني أبي بكر. ومنها ما هو صورة للصراع بين القتّال وقبيلته؛ إذ كانت تتخلى عنه لكثرة جرائمه حتى ليتمنى أحيانًا أنه لم يكن منتسبًا لها. كما يصور شعرُه الصراعَ بين الدم النقي والدم الدخيل، ولذلك كثر حديثُه عن كراهية الدماء، وكثر اعتزازه بأنه من نسل الحرائر. والمثل الأعلى في الشخصية لديه هو "الصعلوك". وقد ذكر له الأصفهاني (ج ٨/ ٢٤، ص ٤٩٠ - ٥٠٢) شعرًا كثيرًا في هذه المعاني. تُوُفِّيَ القَتّال الكلابي نحو ٦٦ هـ.
(١) الوجه الثاني لمعنى الآية الذي إليه يشير المصنف هو كون المراد بالمودة في القربى موادة أهل قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الزمخشري: الكشاف، ج ٤، ص ٢١٣.
(٢) سبق ذكر كلام سعيد بن جبير وإنكار ابن عباس عليه.
(٣) الزمخشري: الكشاف، ج ٤، ص ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>