كتاب جمهرة مقالات ورسائل الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور

المصطلح الفقهي في المذهب المالكي - [تنوع أسلوب مالك في التعبير اللغوي عن مسائل الفقه] - ج: 2 - ص: 1015

ففسرها مالك وبين وجهَ الرخصة فيها في الموطأ بما جاء مخالفًا لبعض المذاهب وموافقًا لبعض في ما هي العرية، كما بسط ذلك ابن رشيد في بداية المجتهد. (١)

ومثلُ ذلك أيضًا الحديثُ الذي جاء بأن "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العُرْبَان"، قال مالك: "وذلك فيما نُرَى - والله أعلم - أن يشتري الرجَّل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة، ثم يقول للذي اشترى منه أو تَكَارَى منه: أُعطيك دينارًا أو درهمًا، أو أكثر من ذلك أو أقل، على أني إن أخذتُ السلعةَ أو ركبت ما تكاريتُ منك، فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة، وإن تركتُ ابتياعَ السلعة أو كراء الدابة، فما أعطيتك لَكَ باطلٌ بغير شيء". (٢)

ومن هذا الباب أيضًا "النهي عن الملامسة والمنابذة"، وما فسر به مالك ماهيتهما، وتحقق معنى الضرر فيهما، والفرق بين معناهما ومعنى "بيع الأعدال على البرنامج". (٣) ومن ذلك أيضًا: تفسير "الركاز" بأنه دفن الجاهلية، خلافًا لمن يفسره بالمعادن. ومنه أيضًا تفسير "النَّجْش" الذي في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال مالك: "والنَّجْش أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها وليس في نفسك اشتراؤها، فيقتدي بك غيرك". (٤) ومثلُ هذا النحو من تقرير الحقائق الشرعية وافرٌ جدًّا في الموطأ.

---

= مصعب الزبيري: العرية] بخرصها من التمر يُتحرَّى ذلك ويُخرص في رؤوس النخل. وإنما أُرخص فيه؛ لأنه أُنزِل بمنزلة التولية والإقالة والشرك، ولو كان بمنزلة غيره من البيوع ما أشرك أحدٌ أحدًا في طعامه حتى يستوفيه، ولا أقاله منه، ولا ولاه أحدًا حتى يقبضه المبتاع". - المحقق.
(١) ابن رشد: بداية المجتهد، ص ٦٣٦ - ٦٣٨ (كتاب بيع العرية). - المحقق.
(٢) الموطأ شرح السيوطي ١٠٨ ج ٢، ط الحلبي. - المصنف. الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب البيوع"، الحديث ١٤٠٨، ج ٣، ص ٣٤٩ - ٣٥٠. ومعنى: "فما أعطيتك لَكَ باطلٌ بغير شيء"، خالص لك ولا رجوع لي به عليك. - المحقق.
(٣) الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب البيوع"، الحديث ١٤٨٧، ج ٣، ص ٤٣٧ - ٤٣٨. - المحقق.
(٤) المصدر نفسه، الحديث ١٥٠٥، ج ٣، ص ٤٦١ - ٤٦٢ - المحقق.