للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها". (١) ومن مثل هذا أيضًا "الرُّقبى"، وهي تحبيس رجلين دارًا بينهما، على مَنْ مات منهما فحظُّه حبسٌ على الآخر. وقد قال ابن القاسم: "لم يعرف مالك الرُّقْبَى، ففُسِّرت له فلم يجزها". (٢) ومن مثله أيضًا استعمال "الطعام" بمعنى البر، كما هو الجاري في تعبير أهل الحجاز كما صرح به الشيخ الحسن في شرح الرسالة. (٣)

٦ - ونَحْوٌ سادس من هذه الأنحاء هو معان فقهية قال بها الإمام مالك، وارتجل للتعبير عنها ألفاظًا تصلح للوفاء بمعناها, ولكنها لم تُستعمل عند غيره في خصوص ذلك المعنى، مثل "الاعتصار" للرجوع في العطية، وهو في أصل اللغة مطلق الطلب والأخذ. ومثل "البيع على البرنامج" الذي جعله عنوانًا للبيع بالصفات والمقادير الضابطة. وهذا راجعٌ لا محالةَ إلى ما عُرف به مالك من متانة السليقة، وقوة الارتجال في اللغة بتعبير فصيح. نقل السيوطي في المزهر عن كتاب ليس - ولا يوجد ذلك في النسخ التي بين أيدينا - أنه لم يُسمع جمعُ الدجال من أحد


(١) وبقية الكلام: "فدخل زيد بن ثابت ورجلٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على مروان بن الحكم، فقالا: أَتُحل بيع الربا يا مروان؟ فقال: أعوذ بالله، وما ذاك؟ فقالا: هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها، فبعث مروان بن الحكم الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس، ويردونها إلى أهلها". المصدر نفسه، الحديث ١٤٥٤، ص ٤٠٢. - المحقق.
(٢) المدونة ص ١٦٨ ج ١٥ مصر. - المصنف. ولفظه: "قلت [أي سحنون]: أرأيت الرقبي هل يعرفها مالك؟ قال [ابن القاسم]: سأله بعض أصحابنا - ولم أسمعه أنا منه - عن الرقبي، فقال: لا أعرفها ففسرت له، فقال: لا خير فيها. قلت: وكيف سألوه عن الوقت؟ قال: قالوا له الرجلان تكون بينهما الدار فيحبسانها على أيهما مات فنصيبه للحي حبسًا عليه. قال، فقال لهم مالك: لا خير فيه. [روى] يزيد بن محمد، عن إسماعيل ابن علية، عن ابن أبي يحيى، عن طاووس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رقبى ومن أرقب شيئًا فهو لورثة المرقب"". المدونة الكبرى, "كتاب العارية"، ج ٦، ص ١٧٧. وانظر: الرصاع، أبو عبد الله محمد الأنصاري: شرح حدود ابن عرفة الموسوم الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية، تحقيق محمد أبي الأجفان والطاهر المعموري (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط ١، ١٩٩٣)، ج ٢، ص ٥٥١. والرُّقْبَى - كما عرفها ابن عرفة في حدوده هي "تحبيسُ رجلين دارًا بينهما على أن من مات منهما فحظه حُبُسٌ على الآخر". - المحقق.
(٣) كفاية الطالب الرباني ص ١٣١ ج ٢ ط الخيرية بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>