ولا أعلم في هذه المسألة خلافا يعول عليه بل المعروف في كلام العلماء هو الجواز والإباحة. وهذا فيما إذا كان الشراء لحاجة الاستعمال والانتفاع، أما إذا كان المشتري اشترى السلعة إلى أجل ليبيعها بنقد بسبب حاجته إلى النقد في قضاء الدين أو لتعمير مسكن أو للتزويج ونحو ذلك، فهذه المعاملة إذا كانت من المشتري بهذا القصد ففي جوازها خلاف بين العلماء، وتسمى عند الفقهاء مسألة (التورق) ويسميها بعض العامة (الوعدة) والأرجح فيها الجواز وهو الذي نفتي به؛ لعموم الأدلة السابقة، ولأن الأصل في المعاملات الجواز والإباحة إلا ما خصه الدليل بالمنع، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك كثيرا؛ لأن المحتاج في الأغلب لا يجد من يساعده في قضاء حاجته بالتبرع ولا بالقرض فحينئذ تشتد حاجته إلى هذه المعاملة حتى يتخلص مما قد شق عليه في قضاء دين ونحوه.
ولكن إذا أمكن المسلم الاستغناء عنها والاقتصاد في كل ما يحتاج إليه إلى أن يأتي الله بالفرج ومن عنده فهو أحسن وأحوط.
ومما ينبغي التنبيه إليه أنه ليس للبائع أن يبيع السلع التي ليست في حوزته بل لا تزال في حوزة التجار حتى ينقلها إلى بيته، أو إلى السوق ونحو ذلك؛ لما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كنا نشتري الطعام جزافا