للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وأهلها يسلمون في الثمار السنة والسنتين: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم (١) » ، متفق على صحته. ولم يشترط عليه الصلاة والسلام أن يكون ذلك بسعر الوقت الحاضر، وخرج الحاكم والبيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا فنفدت الإبل فأمره أن يشتري البعير بالبعيرين إلى إبل الصداقة (٢) » ، والأدلة في هذا المعنى كثيرة؛ ولأن أمر التجارة في المداينة لا يستقيم إلا على ذلك؛ لأن التاجر لا يمكنه غالبا أن يبيع السلع إلى أجل بسعر الوقت الحاضر؛ لأن ذلك يكلفه خسائر كثيرة، ولأن البائع ينتفع بالربح والمشتري ينتفع بالإمهال والتيسير، إذ ليس كل أحد يستطيع أن يشتري حاجته بالثمن الحال، فلو منعت الزيادة في المداينة لنتج عن ذلك ضرر المجتمع، والشريعة الكاملة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها،


(١) رواه البخاري في (السلم) باب السلم في وزن معلوم برقم (٢٢٤١) ومسلم في (المساقاة) باب السلم برقم (١٦٠٤) .
(٢) رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند عبد الله بن عمرو بن العاص برقم (٦٥٥٧) وأبو داود في (البيوع) باب في الرخصة في ذلك برقم (٣٣٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>