للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجاة، وتحذيرهم من أسباب الهلاك، وفي هذه الآية العظيمة بيان كيفية الدعوة وأسلوبها، ونظامها وما ينبغي للداعي أن يكون عليه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} (١) قال جماعة من علماء التفسير: معنى ذلك: الآيات والأحاديث: يعني ادع إلى الله بآيات الله وبسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما فيها من الحكمة، ولما فيها من الفقه والردع والبيان والإيضاح، والكلمة الحكيمة هي التي فيها الردع عن الباطل، والتوجيه إلى الخير، وفيها الإقناع والتوجيه إلى ما فيه السعادة.

فالداعي إلى الله جل وعلا، ينبغي له أن يتحرى في دعوته ما يقنع المدعو، ويوضح الحق، ويردعه عما يضره، بالأسلوب الحسن الطيب، اللين الرقيق، ولهذا قال بعده: {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (٢) فليكن الداعي ذا حكمة، وذا موعظة حسنة، عند الحاجة إليها، فهو يوضح الحق ويبينه، ويرشد إليه بالآيات والأحاديث الواضحة البينة الصحيحة، حتى لا يبقى شبهة للمدعو.

ومن الحكمة إيضاح المعنى وبيانه بالأساليب المؤثرة التي يفهمها المدعو وبلغته التي يفهمها حتى لا تبقى عنده شبهة، وحتى لا يخفى عليه الحق بسبب عدم البيان، أو بسبب عدم إقناعه بلغته، أو بسبب تعارض بعض الأدلة، وعدم بيان المرجح، فإذا كان هناك ما يوجب الموعظة وعظ وذكر بالآيات الزواجر، والأحاديث التي فيها الترغيب والترهيب، حتى ينتبه المدعو ويرق قلبه، وينقاد للحق، فالمقام قد يحتاج فيه المدعو إلى موعظة وترغيب وترهيب على حسب حاله، وقد يكون مستعدا لقبول الحق، فعند أقل تنبيه يقبل الحق، وتكفيه الحكمة، وقد يكون عنده بعض التمنع وبعض الإعراض فيحتاج إلى موعظة وإلى توجيه، وإلى ذكر آيات الزجر


(١) سورة النحل الآية ١٢٥
(٢) سورة النحل الآية ١٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>