للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترغيب، وأحاديث الزجر والترغيب والترهيب حتى يلين قلبه، ويقبل الحق.

وقد يكون عنده شبه فيحتاج إلى جدال بالتي هي أحسن، حتى تزاح الشبهة، ويتضح الحق ولهذا قال جل وعلا: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١)

فإذا كان المدعو عنده بعض الشبه، فعليك أيها الداعي أن توضح الحق بدلائله، وأن تزيح الشبهة بالدلائل التي تزيحها، حتى يبقى معك المدعو على أمر بين واضح، وليكن هذا بالتي هي أحسن لأن العنف والشدة قد يضيعان الفائدة، وقد يقسو قلب المدعو بسبب ذلك ويحصل له به الإعراض والتكبر عن القبول فعليك بالرفق والجدال بالتي هي أحسن حتى يقبل منك الحق، وحتى لا تضيع الفرصة، وتذهب الفائدة سدى، بسبب العنف والشدة، مادام صاحبك يريد منك الحق، ولم يظلم ولم يتعد، أما عند الظلم والتعدي فله نهج آخر، وسبيل آخر، كما قال جل وعلا: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (٢) فإذا كان أهل الكتاب يجادلون بالتي هي أحسن، فالمسلمون من باب أولى أن يجادلوا بالتي هي أحسن، لكن من ظلم ينتقل معه إلى شيء آخر، فقد يستحق الظالم الزجر، والتوبيخ، وقد يستحق التأديب والسجن، إلى غير ذلك على حسب ظلمه.

والآيات في فضل الدعوة، والحث عليها كثيرة، ولكن من أهم ذلك وأوضحه ما بينا، ومن هذا قوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣) ففي هذه الآية


(١) سورة النحل الآية ١٢٥
(٢) سورة العنكبوت الآية ٤٦
(٣) سورة فصلت الآية ٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>