وأتباعهم بإحسان حتى ظهر دين الله وانتشر الحق بالدعوة الصحيحة الإسلامية وبالجهاد الذي يناصرها ويؤيدها إذا وقف في طريقها أحد، حتى أزاحوا الروم عن الشام واستولوا على مملكة الفرس وانتشر الإسلام في اليمن وغيره من أنحاء الجزيرة العربية بسبب الدعوة إلى الله والجهاد الصادق في سبيل الله، وأزيحت العقبات عن طريق الدعوة. وبهذا يعلم أن انتشار الإسلام بالدعوة كان هو الأساس وهو الأصل، وأما الجهاد بالسيف فكان منقذا للحق وقامعا للفساد عند وجود المعارضين الواقفين في طريق الدعوة.
وبالجهاد والدعوة فتحت الفتوحات بسبب أن أكثر الخلق لا يقبل الدعوة بمجردها لمخالفتها لهواه ولما في نفسه من حب للشهوات المحرمة ورياسته الفاسدة الظالمة، فجاء الجهاد يقمع هؤلاء ويزيحهم عن مناصبهم التي كانوا فيها عقبة كأداء في طريق الدعوة، فالجهاد مناصر للدعوة ومحقق لمقاصدها ومعين للدعاة على أداء واجبهم،
والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى على حالين:
إحداهما - فرض عين والثانية فرض كفاية، فهي فرض عين عند عدم وجود من يقوم باللازم كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كنت في بلد أو قبيلة أو منطقة من المناطق ليس فيها من يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأنت عندك علم فإنه يجب عليك عينا أن تقوم بالدعوة وترشد الناس إلى حق الله وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر. أما إذا وجد من يقوم بالدعوة ويبلغ الناس ويرشدهم فإنها تكون في حق الباقين العارفين بالشرع سنة لا فرضا. وهكذا الجهاد كله فرض كفاية عند وجود من يكفي فيسقط الجهاد والأمر والنهي والدعوة عن الباقين ويكون في حقهم سنة مؤكدة، وعند عدم وجود من يكفي يتعين الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن