للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر، والدعوة إلى الله عليك حسب طاقتك وحسب إمكانك كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (١) وقال جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (٢) وقد قام الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بالدعوة والجهاد بعد نبيهم عليه الصلاة والسلام قياما عظيما، فأبو موسى ومعاذ وعلي بعثوا إلى اليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فقاموا بالدعوة هناك ثم رجع معاذ في عهد الصديق ورجع علي وأبو موسى في حجة الوداع، فقام خلفاؤهم بالدعوة هناك ونشر الإسلام.

وقام الصحابة الذين سافروا إلى العراق والشام بالدعوة إلى الله هناك ونشر الإسلام، ثم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قاموا بالدعوة والجهاد والتعليم والتفقيه في الشام والعراق واليمن ومصر وغير ذلك وفي شرق وشمال أفريقيا ثم لم تزل الدعوة تنتشر في أفريقيا كلها، وفي الشرق كله حتى ظهرت الدعوة وانتشرت في أقصى المغرب والمشرق.

وفي وقتنا هذا ضعف أمر الجهاد لما تغير المسلمون وتفرقوا وصارت القوة والسلاح بيد عدونا وصار المسلمون الآن إلا من شاء الله لا يهتمون إلا بمناصبهم وشهواتهم العاجلة وحظهم العاجل ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فلم يبق في هذه العصور إلا الدعوة إلى الله عز وجل والتوجيه إليه، وقد انتشر الإسلام بالدعوة في هذه العصور في أماكن كثيرة في أفريقيا شرقها وغربها ووسطها وفي أوروبا وفي أمريكا وفي اليابان وفي كوريا وفي غير ذلك من أنحاء آسيا، وكل هذا بسبب الدعوة إلى الله بعضها على أيدي التجار وبعضها على أيدي من قام بالدعوة وسافر لأجلها وتخصص لها. وبهذا يعلم


(١) سورة التغابن الآية ١٦
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>