وهو يؤذن بين يديه صلى الله عليه وسلم في المدينة، والجمع بين الأحاديث في ذلك أن أذان بلال مشروع بدون ترجيع، وأذان أبي محذورة مشروع بالترجيع، فمن فعل هذا أو هذا فلا حرج، وهكذا كان بلال يوتر الإقامة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا التكبير ولفظ الإقامة. . أما أبو محذورة فكان يشفع الإقامة بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وكل سنة، ولا منافاة بين الحديثين، لكن ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الأفضل هو ما فعله بلال بأمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله، لأن الله سبحانه لا يختار لنبيه إلا الأفضل، ولا إنكار على من فعل هذا أو هذا، ويسمي أهل العلم هذا الاختلاف اختلاف التنوع وهو جائز، ومن هذا الباب تنوع الاستفتاح والتعوذ والتشهد وكل نوع من ذلك مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم يجوز العمل به، وإنما الاختلاف في الأفضل من ذلك كما تقدم في أنواع الأذان والإقامة، ومثل هذه المسائل لا ينبغي فيها الاختلاف والتشويش على الناس، لأنها مسائل معلومة عند أهل العلم والأدلة فيها معروفة والاختلاف فيها لا يضر، لأن كل نوع منها جائز بحمد الله، ولكن الجهل يضر أهله ويدخلهم فيما لا يعنيهم.