للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يحكم بما أنزل الله، فإذا لم يكن هناك نص عنده اجتهد عليه الصلاة والسلام وحكم بما عنده من الأدلة الشرعية، كما قال في الحديث الصحيح: «إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فليحملها أو يذرها (١) » ، متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها، ومعنى هذا أنه قد يجتهد في الحكم حسب القواعد الشرعية؛ لأنه لم ينزل عليه فيه شيء، فمن عرف أن الحكم ليس بمطابق وأن الشهود زور فقد أخذ قطعة من النار، فليحذر ذلك وليتق الله في نفسه، ولو كان الرسول هو الحاكم عليه، لأن الحاكم ليس له إلا الظاهر من ثقة الشهود وعدالتهم، أو يمين المدعي عليه، فإذا كان المدعو أحضر شهودا علم أنهم قد غلطوا ولو كانوا تقاة وأن الحق ليس له، أو يعلم أنهم شهود زور ولكن القاضي اعتبرهم عدولا، لأنهم عدلوا عنده وزكوا لديه، فإن هذا المال الذي يحكم به له أو القصاص كله باطل بالنسبة إليه لعلمه ببطلانه، وهو قد تعدى حدود الله


(١) أخرجه مسلم في كتاب (الأقضية) برقم (٣٢٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>