ذلك أتم تحرير، وبينوا من يصلح للرواية، ومن لا يصلح للراوية، ومن يحتج به ومن لا يحتج به، وأوضحوا ما وقع من بعض الناس أوهام وأغلاط، وسجلوها عليهم، وعرفوا الكذابين والوضاعين، وألفوا فيهم وأوضحوا أسماءهم، فأيد الله بهم السنة، وأقام بهم الحجة، وقطع بهم المعذرة، وزال تلبيس الملبسين، وانكشف ضلال الضالين، فبقيت السنة بحمد الله جلية واضحة لا شبهة فيها، ولا غبار عليها، وكان الأئمة يعظمون ذلك كثيرا، وإذا رأوا من أحد أي تساهل بالسنة أو إعراض أنكروا عليه. حدث ذات يوم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (١) » فقال بعض أبنائه: والله لنمنعهن - عن اجتهاد منه - ومقصوده أنهن تغيرن، وأنهن قد يتساهلن في الخروج، وليس قصده إنكار السنة، فأقبل عليه عبد الله وسبه سبا سيئا وقال: أقول: قال رسول الله وتقول: والله لنمنعهن.
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم ٨٤٩، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم ٦٦٨.