للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان من يهم ومن يريد متوعدا بالعذاب الأليم، فالذي يفعل الجريمة، ويتعدى الحدود فيه من باب أولى في استحقاقه العقاب، والعذاب الأليم.

ويقول جل وعلا في صدر هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} (١) وهذا يبين لنا أنه محرم، وأنه لا فرق فيه بين العاكف وهو المقيم، والباد، وهو: الوارد والوافد إليه من حاج ومعتمر وغيرهما.

وهذا هو أول الآية في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} (٢) وبين جل وعلا عظمة هذا المكان، وأن الله جعله آمنا وجعله حرما، ليس لأحد من المقيمين فيه ولا من الواردين إليه، أن يتعدى حدود الله فيه، أو أن يؤذي الناس فيه. ومن ذلك بعلم أن التعدي على الناس وإيذاءهم في هذا الحرم الآمن بقول أو فعل، من أشد المحرمات المتوعد عليها بالعذاب الأليم، بل من الكبائر.

ولما فتح الله على نبيه مكة عليه الصلاة والسلام، خطب الناس وقال: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض ولم يحرمه الناس وإن الله جل وعلا لم يحله لي إلا ساعة من نهار، وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب (٣) » وقال: «إنه لا يحل لأحد أن يسفك فيه دما أو يعضد فيه شجرة ولا ينفر صيده ولا يختلى خلاه ولا تلتقط لقطته إلا لمنشد (٤) » أي معرف.


(١) سورة الحج الآية ٢٥
(٢) سورة الحج الآية ٢٥
(٣) صحيح البخاري الجزية (٣١٨٩) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٩٢) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٥٣) .
(٤) صحيح البخاري العلم (١١٢) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٥) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٣٨) ، سنن الدارمي البيوع (٢٦٠٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>