للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما ذكرته في السؤال من قول بعض الصوفية في المساجد وغيرها: اللهم صل على من جعلته سببا لانشقاق أسرارك الجبروتية وانفلاقا لأنوارك الرحمانية فصار نائبا عن الحضرة الربانية وخليفة أسرارك الذاتية ... الخ فالجواب: أن يقال أن هذا الكلام وأشباهه من جملة التكلف والتنطع الذي حذر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون قالها ثلاثا (٢) » . قال الإمام الخطابي رحمه الله: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. وقال أبو السعادات ابن الأثير: هم المتعمقون المغالون في الكلام، المتكلمون بأقصى حلوقهم؛ مأخوذ من النطع وهو الغار الأعلى من الفم، ثم استعمل في كل تعمق قولا وفعلا. وبما ذكره هذان الإمامان وغيرهما من أئمة اللغة يتضح لك ولكل من له أدنى بصيرة أن هذه الكيفية في الصلاة والسلام على نبينا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملة التكلف والتنطع المنهي عنه، والمشروع للمسلم في هذا الباب أن يتحرى الكيفية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في


(١) صحيح مسلم العلم (٢٦٧٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٨٦) .
(٢) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون برقم ٢٦٧٠. (١)

<<  <  ج: ص:  >  >>