وهذا يدل على أن الإيمان يرتفع بهذه المعاصي الكبيرة، ويبقى أصله فقط، وأن أصله باق مع المسلم، لكن كماله وتمامه يرتفع بهذه الكبائر: كالزنا والسرقة وشرب الخمر، وأكل أموال الناس ونحو ذلك؛ لأن هذا ينافي الإيمان الواجب، ويرتفع الإيمان الواجب الذي يمنعه مما حرم الله، ومن كون إيمانه كاملا، ومن كون إيمانه الواجب حاضرا: لمنعه من هذه المعاصي، ومن هذه الكبائر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن (١) » .
فدل ذلك على أن الإيمان يضعف وينقص، حتى لا يمنع من الزنا، وحتى لا يمنع من شرب الخمر، وحتى لا يمنع من السرقة، وحتى لا يمنع من أكل أموال الناس، في ضعفه وما خالطه من شهوة جامحة، ورغبة في الدنيا وشهواتها، ومن موافقة النفس وهواها، على الوقوع فيما حرم الله عز وجل، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، ليس المعنى أنه يكفر كما تقول الخوارج، لا ولكنه يرتفع منه الإيمان الكامل، ويرتفع منه الإيمان الواجب، ويبقى معه أصل الإيمان الذي كان به مسلما، فيرتفع هذا الإيمان الواجب، ويزول هذا الإيمان الواجب بما يفعل من الفواحش والمنكرات،
(١) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب النهي بغير إذن صاحبه برقم ٢٤٧٥.