للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تاب ورجع تاب الله عليه، ورجع إليه إيمانه الواجب الكامل، ويدل على هذا أنه عليه الصلاة والسلام لم يحكم على الزاني بالردة، ولا على السارق بالردة فيقتل، ولا على شارب الخمر بالردة فيقتل، فقد جاء في هذا حدود: فالزاني يرجم إن كان محصنا، ويجلد إن كان غير محصن مائة جلدة ويغرب عاما، ولو كان الزنا ردة وكفرا لقتل؛ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «من بدل دينه فاقتلوه (١) » ، وهكذا السارق تقطع يده ولا يقتل، فدل ذلك على أن إسلامه باق، وأن أصل إيمانه باق، ولكنه أتى جريمة أوجبت قطع يده، تعزيرا وتنكيلا وردعا عن هذه المنكرات، وهكذا شارب الخمر لم يأمر بقتله، بل أمر أن يجلد، فدل ذلك على أن شرب الخمر لا ينافي الإيمان بالكلية، ولكن ينافي كماله وينافي الإيمان الواجب، ويبقى معه أصل الإيمان، الذي به صح إسلامه، ولهذا لم يؤمر بقتل من شرب الخمر، بل يحد حده الشرعي، وهو الجلد بأربعين جلدة، أو ثمانين جلدة، كما رأى عمر رضي الله عنه وأرضاه، وتبعه أهل العلم في ذلك.


(١) أخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم برقم ٦٩٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>