للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحلال وينهى عن الحق ويأمر بالباطل لجهله، فالواجب على أهلي العلم وطلبته الحذر من القول على الله بغير علم، والعناية بالأدلة الشرعية حتى يكونوا على علم بما يدعون إليه أو ينهون عنه وحتى لا يقولوا على الله بغير علم، والعلماء بالله هم أعظم الناس خشية لله وأكملهم في الخوف من الله والوقوف عند حدوده، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (١) فكل مسلم يخشى الله وكل عالم يخشى الله، لكن الخشية متفاوتة، فأعظم الناس خشية لله وأكمل الناس خشية لله هم العلماء بالله، العلماء بدينه، ليسوا علماء الطب، وليسوا علماء الهندسة، وليسوا علماء الجغرافيا، وليسوا علماء الحساب، وليسوا علماء كذا وكذا، ولكنهم العلماء بالله وبدينه، وبما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام.

فالرسل والأنبياء هم رأس العلماء وهم قدوة العلماء وهم الأئمة ومن بعدهم خلفاء لهم، ورثوا علمهم ودعوا إلى ما دعوا إليه. جاء في الحديث: «العلماء ورثة الأنبياء (٢) » فجدير بأهل العلم - وإن تأخر زمانهم كزماننا هذا جدير بهم - أن يسلكوا مسلك أوائلهم الأخيار في خشية الله وتعظيم أمره ونهيه والوقوف عند حدوده، وأن يكونوا أنصارا للحق ودعاة للهدى لا يخشون في الحق لومة لائم، وبذلك ينفع علمهم، وتبرأ ذمتهم وينتفع الناس بهم فقوله سبحانه: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٣) يعني الخشية الكاملة، فالخشية الكاملة لأهل العلم، وأعلاهم الرسل والأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل من أهل العلم على حسب تقواهم لله، وعلى حسب سعة علمهم وعلى حسب قوة إيمانهم وكمال إيمانهم وتصديقهم.

ولما قال بعض الصحابة لما سألوا عن عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في السر فكأنهم تقالوه: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه


(١) سورة فاطر الآية ٢٨
(٢) سنن الترمذي العلم (٢٦٨٢) ، سنن أبو داود العلم (٣٦٤١) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٢٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/١٩٦) .
(٣) سورة فاطر الآية ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>