للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعرف الحق ولا يهتدي إليه لفساد تصوره وانحراف قلبه وفساد لبه، لا يستوي هؤلاء وهؤلاء، ولهذا قال: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (١) فأوضح أن التذكر والتبصر إنما يكون من أولي الألباب، وهم أولوا العقول الصحيحة السليمة.

ثم ذكر صفاتهم العظيمة فقال: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ} (٢) هذه صفات أهل العلم والإيمان وهم الذين يوفون بعهد الله والذي عهد إليهم، يؤدون حقه ويستقيمون على دينه قولا وعملا وعقيدة ولا ينقضون الميثاق، بل يوفون بالمواثيق والعهود والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب، يصلون ما أمر الله به أن يوصل من الاستقامة على أمر الله والإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع سنة الرسول لا بد من هذا وهذا، لا بد من توحيد الله ومن اتباع الرسول ولا بد من وصل هذا بهذا وذلك بتحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهكذا يتبعون الإيمان بالعمل ومن ذلك بر الوالدين وصلة الرحم ويخشون ربهم الخشية التي تعينهم على طاعة الله وتعنتهم من معاصي الله، يخشونه سبحانه خشية حقيقية لا مجرد دعوى تؤثر في قلوبهم، وتجعلها خاشعة لله خاضعة له معظمة لحرماته تاركة نواهيه، ممتثلة أوامره.

هكذا أهل العلم والإيمان يخشون ربهم الخشية التي تثمر المتابعة وتؤدي إلى الحق وترك الباطل {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (٣) هذا من كمال الخشية خوفهم من سوء الحساب، ولهذا أعدوا العدة واستقاموا على الطريق خوفا من سوء الحساب يوم القيامة.

ثم ذكر سبحانه الصفتين السادسة والسابعة، فقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} (٤) صبروا على طاعة الله وصبروا عن محارم الله،


(١) سورة الزمر الآية ٩
(٢) سورة الرعد الآية ٢٠
(٣) سورة الرعد الآية ٢١
(٤) سورة الرعد الآية ٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>