للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا نموذج من أعمالهم الطيبة، وهذه الصفات الحميدة ذكرها الله سبحانه عنهم؛ لنقتدي بهم فيها ولنسلك هذا المسلك ونتأسى بأهل الخير وهكذا في آخر سورة آل عمران يقول جل وعلا: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (١) فهذه الخصال الحميدة التي أخذ بها خيار أهل الكتاب ومن هداهم الله من علمائهم، إيمان بالله، خشوع وخضوع لله وطاعة لله سبحانه، وذل بين يديه سبحانه وتعالى، ثم مع ذلك لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ولا يجحدون الحق ولا يكتمونه كما فعل علماؤهم الضالون، كتموا سيرة محمد عليه الصلاة والسلام، وكتموا كثيرا من الحق من أجل حظهم العاجل وما أرادوا من متاع الدنيا.

أما أهل العلم والإيمان من الأولين والآخرين أهل الخوف من الله فإنهم ينطقون بالحق ويصرحون به ولا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، بل أن من أعمالهم العظيمة بيان الحق والدلالة عليه والدعوة إليه والتحذير من الباطل والترهيب منه يرجون ثواب الله ويخشون - عقابه سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٢) وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٣) وبين سبحانه في هاتين الآيتين أنه لا يستوي من يعلم الحق المنزل من عند ربنا - وهو الهدى والصلاح والإصلاح لا يستوي هؤلاء- مع من هو أعمى


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٩
(٢) سورة الرعد الآية ١٩
(٣) سورة الزمر الآية ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>