للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (١) » ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله (٢) » أي: حتى يخصوا الله بالعبادة، دون كل ما سواه، وكان المشركون يخافون من الجن ويعوذون بهم، فأنزل الله في ذلك قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (٣) قال أهل التفسير في الآية الكريمة: معنى قوله: {فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (٤) أي: ذعرا وخوفا؛ لأن الجن تتعاظم في نفسها وتتكبر، إذا رأت الإنس يستعيذون بها، وعند ذلك يزدادون لهم إخافة وإذعارا، حتى يكثروا من عبادتهم، واللجوء إليهم.

وقد عوض الله المسلمين عن ذلك الاستعاذة به سبحانه، وبكلماته التامة، وأنزل في ذلك قوله عز وجل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٥) وقوله عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (٦) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (٧) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (٨) » ومما تقدم من الآيات والأحاديث، يعلم طالب النجاة، والراغب في الحفاظ على دينه، والسلامة من الشرك، دقيقه وجليله، أن التعلق بالأموات والملائكة والجن وغيرهم من المخلوقات، ودعاءهم والاستعاذة بهم ونحو ذلك من عمل أهل الجاهلية المشركين، ومن أقبح الشرك بالله سبحانه فالواجب تركه والحذر من ذلك والتواصي بتركه، والإنكار على من فعله.

ومن عرف من الناس بهذه الأعمال الشركية لم تجز مناكحته، ولا أكل ذبيحته، ولا الصلاة عليه، ولا الصلاة خلفه، حتى يعلن التوبة إلى الله سبحانه من ذلك، ويخلص الدعاء والعبادة لله وحده والدعاء


(١) صحيح البخاري الإيمان (٢٥) ، صحيح مسلم الإيمان (٢٢) .
(٢) صحيح البخاري الإيمان (٢٥) ، صحيح مسلم الإيمان (٢٢) .
(٣) سورة الجن الآية ٦
(٤) سورة الجن الآية ٦
(٥) سورة الأعراف الآية ٢٠٠
(٦) سورة الفلق الآية ١
(٧) سورة الناس الآية ١
(٨) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٠٨) ، سنن الترمذي الدعوات (٣٤٣٧) ، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٤٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٧٨) ، سنن الدارمي الاستئذان (٢٦٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>