للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم على باطلهم. وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد عن جرير بن عبد الله البجلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين (١) » وما ذلك إلا لأن إقامته بينهم وسيلة إلى كفره بالله أو إلى نقص دينه وضعف قيامه بحق مولاه سبحانه وتعالى.

وخرج النسائي رحمه الله بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «لا يقبل الله من مشرك عملا بعد ما أسلم أو يفارق المشركين (٢) » والمعنى: حتى يفارق المشركين.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، لكن من رزق الإيمان والعلم والبصيرة وخالطهم للدعوة إلى الله وبيان الحق والإرشاد إليه وإنكار الباطل فهذا لا شيء عليه لإظهاره دينه بدعوته لهم إلى الحق والهدى كما دعا الرسل وأولياء الله صنوف الكفار إلى الحق والهدى، فإذا خالطهم لهذا الأمر عن علم وعن بصيرة وعن قصد لإنقاذهم من الباطل وإخراجهم من الظلمات إلى النور فهذا له أجر عظيم لأنه دعا إلى الله وأظهر دينه وتميز عن أعداء الله بانضمامه إلى أولياء الله ودعوته إلى حزب الله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فالدعاة إلى الله الذين تأهلوا لذلك وحصلوا من العلم على ما يعينهم على ذلك وتميزوا عن أعداء الله بإظهار الحق والدعوة إليه لهم أجر عظيم؛ لأنهم إنما خالطوهم للدعوة إلى الله وبيان الحق لهم، فهولاء على خير عظيم وعلى هدى من الله عز وجل كما فعلت الرسل ومن نصرهم من أولياء الله.

وأما من خالطهم من غير علم ولا توجيه فهو على خطر عظيم من وجوه كثيرة:

خطر من جهة ولايتهم عليه، وخطر من جهة عدم إنكاره الباطل عليهم وخطر من جهة قلة علمه، فقد يظل بسبب ما يلقون عليه من الشبه التي تحيره في دينه أو تسلخه من دينه ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب على كل مسلم


(١) سنن الترمذي السير (١٦٠٤) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٦٤٥) .
(٢) سنن النسائي الزكاة (٢٥٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>