للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها وأمر بها في مواضع وأثنى على أهلها في مواضع ووعدهم على ذلك الخير الكثير والعاقبة الحميدة والفوز بالجنة والكرامة.

ومن ذلك قوله تعالى في آخر سورة آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (١) {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} (٢) الآيات.

هذه الآيات العظيمات كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقرؤها إذا أستيقظ من نومه عليه الصلاة والسلام إلى آخر السورة ويمسح النوم عن وجهه بعدها، ويرتل هذه الآيات ويرفع بصره إلى السماء وهو يقرأ هذه الآيات {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (٣) والآيات بعدها. وأولوا الألباب هم أولوا العقول الصحيحة، والألباب جمع لب وهو العقل الصحيح النير وهم لصلاح عقولهم وسلامتها وصحتها وصفهم الله بهذه الصفات، وهي أنهم يذكرون الله قياما وقعودا وعلى وجنوبهم ويتفكرون في هذه الآيات التي أوجدها سبحانه.

ومنها خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار، فإن آيات الله كثيرة ومن جملتها خلق هذه السماوات في ارتفاعها وسعتها وخلق هذه الأرض في انبساطها وسعتها واستقرارها وما فيهما من الآيات العظيمات الكثيرات.

وهكذا اختلاف الليل والنهار من جملة آياته العظيمة سبحانه وتعالى، فلذا أخبر أن في ذلك آيات لأولي الألباب، ثم ذكر بعض أعمالهم من ذكر الله قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم بالقلب واللسان والعمل، فيذكرون الله في قلوبهم محبة وتعظيما وخوفا ورجاء وخشية له سبحانه، وبألسنتهم بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والقراءة والدعاء والاستغفار وغير ذلك.

ومن أعمالهم الصلاة ليلا ونهارا والتهجد بالليل والصدقات والأمر


(١) سورة آل عمران الآية ١٩٠
(٢) سورة آل عمران الآية ١٩١
(٣) سورة آل عمران الآية ١٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>