للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لبى بالعمرة ومنهم من لبى بهما، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالتلبية، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم. ولم يزل يلبي حتى وصل إلى بيت الله العتيق، وبين للناس ما يقولونه من الأذكار والدعاء في طوافهم وسعيهم وفي عرفات وفي مزدلفة وفي منى. وبين الله جل وعلا ذلك في كتابه العظيم حيث قال جل وعلا: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} (١) {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) إلى أن قال سبحانه وتعالى {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٣) الآية.

فالذكر من جملة المنافع المذكورة في قوله تعالى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (٤) الآية، وعطفه على المنافع من باب عطف الخاص على العام. وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله (٥) » .

وشرع للناس كما جاء في كتاب الله ذكر الله عند الذبح وشرع لهم ذكر الله عند رمي الجمار. فكل أنواع مناسك الحج ذكر لله قولا وعملا. فالحج بأعماله وأقواله كله ذكر الله عز وجل وكله دعوة إلى توحيده والاستقامة على دينه والثبات على ما بعث به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. فأعظم أهدافه توجيه الناس إلى توحيد الله والإخلاص له والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما بعث الله به من الحق والهدى في الحج وغيره.

فالتلبية أول ما يأتي به الحاج


(١) سورة البقرة الآية ١٩٨
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٩
(٣) سورة البقرة الآية ٢٠٣
(٤) سورة الحج الآية ٢٨
(٥) سنن الترمذي الحج (٩٠٢) ، سنن أبو داود المناسك (١٨٨٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٦٤) ، سنن الدارمي المناسك (١٨٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>