للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة؛ لأنها فعلت على غير مثال سابق؛ لأنهم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد، هذا يصلي مع اثنين وهذا يصلي مع ثلاثة، «وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال: إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل (١) » فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم، فلما توفي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك، ولذا أمر بها عمر رضي الله عنه.

فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة وليست بدعة من حيث الشرع. وبذلك يعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة وهي بدعة ضلالة، ولا يجوز فعلها، ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب وإلى سنة وإلى مباح. إلخ؛ لأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق إيضاح ذلك. والله ولي التوفيق.

س٢: سؤال من السودان أيضا: يقول السائل: قال الله تعالى في كتابه الكريم {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٢) وقد ورد في بعض الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن والديه في النار. السؤال: ألم يكونا من أهل الفترة وأن القرآن صريح بأنهم ناجون؟ أفيدونا أفادكم الله.

ج٢: أهل الفترة ليس في القرآن ما يدل على أنهم ناجون أو هالكون، إنما قال الله جل وعلا {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٣) فالله جل وعلا من كمال عدله لا يعذب أحدا إلا بعد أن يبعث إليه رسولا، فمن لم تبلغه الدعوة فليس بمعذب حتى تقام عليه الحجة، وقد أخبر سبحانه أنه لا يعذبهم إلا بعد إقامة الحجة، والحجة قد تقوم عليهم يوم القيامة، كما جاءت السنة بأن أهل الفترات يمتحنون ذلك اليوم، فمن أجاب وامتثل نجا


(١) صحيح البخاري الجمعة (٩٢٤) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦١) ، سنن أبو داود الصلاة (١٣٧٣) ، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٥٠) .
(٢) سورة الإسراء الآية ١٥
(٣) سورة الإسراء الآية ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>