للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجب على أهل العلم أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا هؤلاء الجهال حتى يتوبوا إلى الله سبحانه من دعوة أصحاب القبور، والاستغاثة بهم، ويعلموهم أن يدعوا الله وحده سبحانه وتعالى أن يستغيثوا به في حاجاتهم. أما الحي الحاضر القادر فلا بأس بالاستعانة به فيما يقدر عليه كما تقدم، فقد كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يطلبون من الرسول صلى الله عليه وسلم الشفاعة والعون وهو حي فيشفع لهم ويعينهم على ما ينفعهم، لكن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يسألونه شيئا لعلمهم بأن ذلك لا يجوز.

وهكذا يوم القيامة حين يبعثه الله يسأله الناس أن يشفع لهم فيجيبهم إلى ذلك بعد إذن الله له سبحانه؛ لأنه حي حاضر بين أيديهم. أما بعد ما توفاه الله وقبل يوم القيامة فإنه لا يدعى ولا يستغاث به بإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة للأدلة السابقة. وهكذا غيره كالخضر أو نوح أو عيسى لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار (١) » رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والمعنى أن من دعا ميتا أو صالحا أو شجرا أو ملكا أو غيرهم فقد جعله ندا لله واتخذه إلها معه، وذلك من الشرك الأكبر الذي يوجب لمن مات عليه الخلود في النار كما قال الله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (٢) وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٣) والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على ما دل عليه حديث ابن مسعود المذكور فيجب على أهل العلم وعلى كل من عنده


(١) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٩٧) .
(٢) سورة المائدة الآية ٧٢
(٣) سورة النساء الآية ٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>