للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (١) فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله عز وجل مع ما يزيدهم الله به من الخير والنعيم المقيم الذي فوق ما يخطر ببالهم. وقال عز وجل: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (٢) {عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} (٣) {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (٤) وقال سبحانه وتعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (٥) {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٦)

فالمؤمنون يرون الله سبحانه في القيامة وفي الجنة رؤية عظيمة حقيقية لكن من دون إحاطة؛ لأنه سبحانه أجل وأعظم من أن تحيط به الأبصار من خلقه كما قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (٧) والمعنى أنها لا تحيط به؛ لأن الإدراك أخص والرؤية أعم، كما قال تعالى في قصة موسى وفرعون: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (٨) فأوضح سبحانه أن التراءي غير الإدراك. وقال جمع من السلف في تفسير الآية المذكورة - منهم عائشة رضي الله عنها -: إن المراد أنهم لا يرونه في الدنيا.

وعلى كلا القولين فليس فيها حجة لمن أنكر الرؤية من أهل البدع؛ لأن الآيات القرآنية الأخرى التي سبق بيانها مع الأحاديث الصحيحة المتواترة كلها قد دلت على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة وفي الجنة. وأجمع على ذلك الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم من أهل السنة، وشذت الجهمية والمعتزلة والإباضية فأنكروها، وقولهم من أبطل الباطل ومن أضل الضلال. نسأل الله العافية والسلامة مما ابتلاهم به، ونسأل الله لنا وللموجودين منهم الهداية والرجوع إلى الحق.


(١) سورة يونس الآية ٢٦
(٢) سورة المطففين الآية ٢٢
(٣) سورة المطففين الآية ٢٣
(٤) سورة المطففين الآية ٢٤
(٥) سورة القيامة الآية ٢٢
(٦) سورة القيامة الآية ٢٣
(٧) سورة الأنعام الآية ١٠٣
(٨) سورة الشعراء الآية ٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>