للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: «يقول الله جل وعلا يوم القيامة لأهل الجنة هل تريدون شيئا أزيدكم؟ قالوا: يا ربنا ألم تبيض وجوهنا، ألم تثقل موازيننا، ألم تدخلنا الجنة، ألم تنجنا من النار؟! فيقول سبحانه: إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، فيكشف لهم الحجاب عن وجهه الكريم (١) » فيرونه سبحانه وتعالى رؤية حقيقية وذلك أعلا نعيمهم وأحب شيء إليهم، جعلنا الله وإياكم منهم.

وقد أجمع أهل الحق من أهل السنة والجماعة على هذه الرؤية كما تقدم. وقد حكى ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري في كتابه: "مقالات الإسلاميين" وحكى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذكر إجماع أهل السنة على ذلك، وذكر أن جمهور أهل السنة يكفرون من أنكر هذه الرؤية.

فجمهور أهل السنة والجماعة يرون أن من أنكر هذه الرؤية فهو كافر نسأل الله السلامة والعافية.

أما في الدنيا فإنه سبحانه لا يرى فيها. فالرؤية نعيم عظيم، والدنيا ليست دار نعيم، ولكنها دار ابتلاء وامتحان ودار عمل، فلهذا ادخر الله سبحانه رؤيته، ادخرها لعباده في الدار الآخرة حتى النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في الدنيا عند جمهور العلماء كما سئل عن ذلك فقال: «رأيت نورا (٢) » فلم ير عليه الصلاة والسلام ربه يقظة.

وقال عليه الصلاة والسلام: «اعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت (٣) » أخرجه مسلم في صحيحه فليس أحد يرى ربه في الدنيا أبدا لا الأنبياء ولا غيرهم وإنما يرى في الآخرة سبحانه وتعالى.

فعلى المسلم أن يؤمن بهذا، وبكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن أهل الإيمان يدخلون الجنة، ويرون ربهم سبحانه في القيامة، وفي الجنة كما يشاء سبحانه وأن الكفار يصيرون إلى النار مخلدين فيها نعوذ بالله من ذلك، وأنهم عن ربهم محجوبون لا يرونه سبحانه وتعالى لا في القيامة ولا في غيرها، بل هم عن الله محجوبون لكفرهم وضلالهم

وأما العاصي فهو على خطر لكن مآله إلى الجنة، وإن دخل النار بسبب معصيته فإنه لا يخلد فيها، بل يخرح منها فيصير إلى الجنة، كما تواترت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه أهل السنة خلافا للخوارج ومن تابعهم.


(١) صحيح مسلم الإيمان (١٨١) ، سنن الترمذي صفة الجنة (٢٥٥٢) ، سنن ابن ماجه المقدمة (١٨٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٣٢) .
(٢) صحيح مسلم الإيمان (١٧٨) .
(٣) صحيح البخاري الفتن (٧١٢٣) ، صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (١٦٩) ، سنن الترمذي الفتن (٢٢٣٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>