للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: جواز الاستعانة بالمشركين في قتال المشركين عند الحاجة أو الضرورة، واحتجوا على ذلك بأدلة منها قوله جل وعلا في سورة الأنعام: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (١) الآية، واحتجوا أيضا بما نقله الحازمي عن الشافعي رحمه الله فيما ذكرنا آنفا في حجة أصحاب القول الأول، وسبق قول الحازمي رحمه الله نقلا عن طائفة من أهل العلم أنهم أجازوا ذلك بشرطين:

أحدهما: أن يكون في المسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك.

الثاني: أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين، وتقدم نقل النووي عن الشافعي أنه أجاز الاستعانة بالمشركين بالشرطين المذكورين وإلا كره. ونقل ذلك أيضا عن الشافعي الوزير ابن هبيرة كما تقدم.

واحتج القائلون بالجواز أيضا بما رواه أحمد وأبو داود عن ذي مخمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ستصالحون الروم صلحا آمنا وتغزون أنتم وهم عدوا من ورائكم فتنصرون وتغنمون (٢) » الحديث. ولم يذمهم على ذلك، فدل على الجواز، وهو محمول على الحاجة أو الضرورة كما تقدم.

وقال المجد ابن تيمية في المحرر في الفقه ص١٧١ ج٢ ما نصه: ولا يستعين بالمشركين إلا لضرورة، وعنه إن قوي جيشه عليهم وعلى العدو ولو كانوا معه ولهم حسن رأي في الإسلام جاز وإلا فلا " انتهى.

وقال: الموفق في المقنع ج١ ص٤٩٢ ما نصه: ولا يستعين بمشرك إلا عند الحاجة.

وقال في المغني ج٨ ص ٤١٤ ٤١٥ فصل: ولا يستعان بمشرك، وبهذا قال ابن المنذر والجوزجاني وجماعة من أهل العلم، وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة به، وكلام الخرقي يدل عليه أيضا عند الحاجة، وهو مذهب الشافعي لحديث الزهري الذي ذكرناه، وخبر صفوان بن أمية، ويشترط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين فإن كان غير مأمون عليهم لم تجز الاستعانة به؛ لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذل والمرجف فالكافر أولى.


(١) سورة الأنعام الآية ١١٩
(٢) سنن أبو داود الملاحم (٤٢٩٢) ، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠٨٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٤٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>