للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١) وأعطى نبيه صلى الله عليه وسلم في ذلك من كمال الرجولة والقوة على القيام بأمر الزوجات وحقوقهن ما لم يعطه الكثير ممن قبله، وليس هذا بمستنكر في الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإنهم أكمل الرجال رجولة، وأعفهم فرجا، وأقومهم بحق الله وحق عباده.

وقد كان لنبي الله داود زوجات كثيرة، ولابنه نبي الله سليمان بن داود كذلك، وقد قواهما الله على الطواف عليهن والقيام بحقهن، فكيف يستغرب على من هو أفضل منهما وأرفع عند الله منزلة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، أن يبيح الله له تسعا من النساء مع ما في ذلك من المصالح الكثيرة التي تقدم بعضها، وكلها تعود على الأمة بالخير والإحسان والنفع العام، وقد خص الله نبيه صلى الله عليه وسلم بخصائص عظيمة وحباه بصفات كريمة، فبعثه إلى الناس عامة، وجعله رحمة للعالمين، واتخذه خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ورفع منزلته في أعلى الجنة وهي الوسيلة، وجعله سيد أولاد آدم كلهم، وأعطاه المقام المحمود والشفاعة العظمى يوم القيامة، ونصره بالرعب مسيرة شهر، وشرح له صدره وغفر له ذنبه ووضع عنه وزره ورفع له ذكره، فلا يذكر سبحانه إلا ذكر معه، كما في الخطب والتشهد والإقامة والتأذين.

وخصائصه وشمائله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا، فكيف بعد هذا كله تجرأ صحيفة المساء المصرية والقائمون عليها على الاستهزاء به والحط من قدره وتمثيله بحيوان من أحقر الحيوانات وأدناها، إمعانا في الاحتقار ومبالغة في الاستهزاء، سبحان الله ما أعظم شأنه، والله أكبر ما أوسع حلمه: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٢) وليس هذا الكفر الظاهر والنفاق السافر والاستهزاء الصريح بأشرف عباد الله ومن أخرج الله به العباد من الظلمات إلى النور - بغريب من صحف الخلاعة والمجون وأبواق الكفر والإلحاد ومنابر الظلم والعدوان ومحاربة الفضائل والدعوة إلى الرذائل، ليس ذلك بغريب على بعض القائمين على صحف القاهرة، الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وأعرضوا عما جاءت به الرسل ونزل به القرآن، واهتموا بالفراعنة


(١) سورة الروم الآية ٢١
(٢) سورة الروم الآية ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>