للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخشى منه فدخل العدو عليهم، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام قد أمر الرماة أن يلزموا موقعهم وأن لا يبرحوه وإن رأوا العدو يتخطف المسلمين وإن رأوا المسلمين نصروا لا هذا ولا هذا، فعليهم أن يلزموا مكانهم.

فلما انهزم العدو يوم أحد ورآهم الرماة انهزموا ظنوا أنها الفاصلة فأخلوا بمواقعهم، وحاول أميرهم أن يثنيهم عن ذلك فخالفوه ظنا منهم أن الكفار لا عودة لهم وأنهم قد انهزموا انهزاما كاملا فدخل العدو على المسلمين وصارت النكبة على المسلمين والقتل والجراحات والهزيمة حتى حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم فأنجاه الله من شرهم وأصابه جراحات وكسروا رباعيته عليه الصلاة والسلام إلى غير هذا مما أصابه عليه الصلاة والسلام، وقتل سبعون من الصحابة وأصاب بعض من بقي جراحات، وأنزل الله فيهم سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (١) أي: يقتلونهم بإذن الله {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} (٢) يعني بذلك الرماة {وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ} (٣) تنازعوا في الأمر واختلفوا {وَعَصَيْتُمْ} (٤) بترك الموقع الذي أمركم الرسول صلى الله عليه وسلم بلزومه {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} (٥) من هزيمة العدو، والجواب محذوف تقديره سلط العدو عليكم. {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ} (٦) الآية.

المقصود أنهم أصيبوا بسبب الخلل الذي وقع منهم في موقف عظيم لا بد منه في سياسة الجهاد من حفظ الثغور وحفظ المنافذ التي ينفذ منها العدو، فحفظ الثغور التي يدخل منها العدو على المسلمين وحفظ المنافذ التي يدخل منها العدو على الجيش


(١) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٣) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٤) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٥) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٦) سورة آل عمران الآية ١٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>