للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترك نواهيه عن إيمان به سبحانه وعن إخلاص له وعن تعظيم له وعن رغبة فيما عنده هذا هو الإسلام، يقال أسلم أي ذل وانقاد، وأسلم لفلان أي ذل له وانقاد له، وأسلم لله ذل وانقاد وأطاع وهذه العبادة هي الخضوع لله والذل لله بطاعة أوامره وترك نواهيه سبحانه وتعالى، يقول العرب: طريق معبد يعني مذلل قد وطئته الأقدام وصار معبدا معروفا ويقولون جمل معبد يعني مذلل قد شد عليه ورحل.

فالعبادة عند العرب الذل والخضوع فسمى الله تكاليفه عبادة لأنها تؤدى بالذل والخضوع لله وسماها إسلاما لأنها تؤدى أيضا بالذل والخضوع لله سبحانه فهي إسلام وهي عبادة وسماها تقوى قال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى} (١) وقال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (٢) سماها تقوى لأن العبد يفعلها يتقي بها غضب الله ويتقي بها عقابه وهو يفعل أوامر الله وينتهي عن نواهيه مسلما منقادا خاضعا ذليلا يرجو رحمة ربه ويخشى عقابه ويتقي بذلك سوء المنقلب فلهذا سمى الله دينه تقوى وهو إيمان أيضا سمي إيمانا لأنه تصديق لله ولرسوله كما قال تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} (٣) الآية. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (٤) وقال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (٥) وقال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٦)


(١) سورة البقرة الآية ١٨٩
(٢) سورة الطور الآية ١٧
(٣) سورة التغابن الآية ٨
(٤) سورة النساء الآية ١٣٦
(٥) سورة التوبة الآية ٧٢
(٦) سورة الروم الآية ٤٧

<<  <  ج: ص:  >  >>