للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحكيم هو الذي يعلم الأشياء ويضع الأعمال والأقوال مواضعها، وهذا الوصف على الكمال إنما يصدق على الله عز وجل؛ لأنه العالم بكل شيء والحكيم في كل شيء سبحانه وتعالى، ومن حكمة الداعي أن يكون عنده العلم بما يدعو إليه وما ينهى عنه، كما قال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} (١) يعني: بالعلم قال الله وقال رسوله.

ومن حكمة الداعي أن يأتي بالأسلوب المناسب والبيان المناسب ويخاطب كل قوم بما يعقلون ويفهمون، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (٢) يعني على علم، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} (٣) أي بالعلم {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (٤) أي الترغيب والترهيب التي تلين القلوب وتقربها من قبول الحق، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٥) أي بالأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة لكن بالتي هي أحسن حتى يقبلوا الحق وحتى ينقادوا له، وقال تعالى في أهل الكتاب: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٦) وهم اليهود والنصارى، فلا يجوز جدالهم إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم فمن ظلم له شأن آخر.

وإذا كان هذا التوجيه من المولى سبحانه في جدال أهل الكتاب فالمسلمون من باب أولى، وقال عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} (٧)


(١) سورة النحل الآية ١٢٥
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٨
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥
(٤) سورة النحل الآية ١٢٥
(٥) سورة النحل الآية ١٢٥
(٦) سورة العنكبوت الآية ٤٦
(٧) سورة آل عمران الآية ١٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>