للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال لابنه: (إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، جفت الأقلام وطويت الصحف) .

فالمؤمن يتعاطى الأسباب ويفعلها، مع الإيمان بأن قدر الله نافذ، وأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، حتى يكون مطمئن القلب، مستريح النفس، مستريح البال، ولا يمنعه ذلك من تعاطي الأسباب الشرعية والحسية المباحة.

وأما التنجيم فإنه أيضا شعبة من شعب دعوى علم الغيب، وهو من عمل العرافين والمشعوذين، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (١) » .

والمنجم يلبس على الناس، ويقول: إذا صادف اسمك أو اسم أمك أو اسم أبيك نوء كذا ونوء كذا جرى كذا وكذا، وربما شبه على الناس فقال: أعطني اسمك واسم أمك واسم أبيك وأنا أنظر - بزعمه أنه ينظر في النجوم - فإذا توافقت الأسماء على ما يزعم يكون كذا ويقع كذا ويقع كذا، وكل هذا من الخرافات والباطل، وكله من التلبيس على الناس حتى يأخذوا أموالهم بغير حق، وقد يصادف القدر حاجة شخص فيظن المسكين أنه بأسباب هذا المنجم أو بأسباب هذا الكاهن حصل هذا الأمر، وقد يكون وصف لشخص دواء آخر غير ما يزعمه عن النجوم والتنجيم من الأدوية المعروفة، والتي يعرفها لهذا المرض فيظن المريض أنه حصل له الشفاء بأسباب دعوى هذا المنجم علم الغيب، أو من أسباب تعاطيه النظر في النجوم، أو غير ذلك.

فالحاصل: أن وجود الشفاء في بعض الأحيان بعد إتيان الكهان أو المنجمين أو الرمالين أو غيرهم لا يدل على صحة ما هم عليه.


(١) سنن أبو داود الطب (٣٩٠٥) ، سنن ابن ماجه الأدب (٣٧٢٦) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>