للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمشركون أنفسهم عباد الأصنام، قد يأتون إلى الصنم ويسألونه فيقع لهم ما أرادوا بإذن الله عز وجل صدفة ولحكمة أرادها الله جل وعلا، أو بواسطة الشياطين فصارت ابتلاء وامتحانا لا من الصنم، فالصنم ما فعل شيئا، والجني الذي عنده ما فعل شيئا، ولكن قد يوافق القدر أن هذا المرض يزول، وهذا البلاء يزول بعدما جاء هذا المسكين إلى الصنم وسأله أو ذبح له، فيقع ذلك ابتلاء وامتحانا، من غير أن يكون ذلك من عمل الساحر، أو من عمل الصنم، أو من عمل الجن، أو غير ذلك، فيقع للمشركين أشياء تغريهم بأصنامهم حتى يعبدوها من دون الله.

فلا ينبغي للعاقل أبدا أن يغتر بما يقع على أيدي هؤلاء المنجمين، أو الكهنة والعرافين أو السحرة، بل يجب أن يبتعد عنهم وألا يصدقهم، ولما «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة وهي حل السحر عن المسحور قال: هي من عمل الشيطان (١) » يعني: حل السحر على يد الساحر، هو من عمل الشيطان؛ لأنه يحله بدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، وعمل ما حرمه الله، ولكن حل السحر إذا كان بالأدوية المباحة، والرقية الشرعية، والدعاء الشرعي، من طريق الأطباء المختصين، أو من طريق القراء المعروفين بحسن العقيدة أمر أباحه الله جل وعلا، ولا بأس به، وقد صحت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل على جوازه، بل على استحبابه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «عباد الله، تداووا، ولا تداووا بحرام (٢) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله (٣) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (٤) » . والأحاديث في هذا الباب كثيرة. والله ولي التوفيق.


(١) سنن أبو داود الطب (٣٨٦٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٩٤) .
(٢) سنن أبو داود الطب (٣٨٧٤) .
(٣) صحيح البخاري القدر (٦٦٠٤) ، سنن أبو داود الفتن والملاحم (٤٢٤٠) .
(٤) صحيح مسلم السلام (٢٢٠٠) ، سنن أبو داود الطب (٣٨٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>