للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (١) » ، خرجه مسلم في صحيحه.

ويشرع أيضا الصدقة عن الميت، الوالدة وغيرها؛ لما ثبت في الحديث الصحيح، «أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم (٢) » ، وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم، وهو انتفاع الأموات بالدعاء والصدقات، وهكذا ينتفع الميت بالحج عنه والعمرة، وبأداء ما عليه من الصوم، وبقضاء الدين عنه، والعتق عنه، والصلاة عليه صلاة الميت.

أما زيارة القبور فليس لها وقت مخصوص، لا يوم الجمعة ولا غيرها، بل يزورها الرجال متى تيسر ذلك في أي يوم، وفي أي ساعة من ليل أو نهار، وأما تخصيص بعض الناس الزيارة بيوم الجمعة فلا أصل له فيما نعلم من الشرع المطهر، وأما تحميلك إخوانك نقل السلام على الوالدة فلا أعلم له أصلا، والأحسن عندي تركه، ويكفي منك الدعاء لها والصدقة عنها بما تيسر، كما تقدم بيان ذلك، ولا مانع من الحج لها والعمرة، وهما منك أفضل إن شاء الله مع توكيل غيرك في ذلك، وإذا كنت في مكة كفى الإحرام بالعمرة من الحل كالتنعيم والجعرانة، ولا حاجة إلى الذهاب للميقات؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من التنعيم (٣) » ، وهو أقرب الحل إلى مكة.

أما قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؛ تقربا إلى الله سبحانه، وطلبا لمغفرته فقد ورد في ذلك أحاديث فيها ضعف، وكان ابن عمر وأبو سعيد رضي الله عنهم، وهما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحافظان على قراءتها يوم الجمعة، فمن فعل ذلك فلا بأس، ولكن الأفضل عدم تثويبها


(١) صحيح مسلم الصلاة (٤٨٣) ، سنن أبو داود الصلاة (٨٧٨) .
(٢) صحيح البخاري الجنائز (١٣٨٨) ، صحيح مسلم الزكاة (١٠٠٤) ، سنن النسائي الوصايا (٣٦٤٩) ، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٨١) ، سنن ابن ماجه الوصايا (٢٧١٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٥١) ، موطأ مالك الأقضية (١٤٩٠) .
(٣) صحيح البخاري الحيض (٣١٩) ، صحيح مسلم الحج (١٢١١) ، سنن الترمذي الحج (٩٣٤) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٧٦٣) ، سنن أبو داود المناسك (١٧٧٨) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٠٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/١٦٤) ، موطأ مالك الحج (٩٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>