للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية معية علمه تعالى ولا شك في إرادة ذلك) انتهى. ولا ينافي ذلك تفسير المعية بالعلم؛ لأن ذلك هو مقتضاها ولازمها فهي حق، ومقتضاها: علم الله بأحوال عباده واطلاعه عليهم، وأما كيفيتها فلا يعلمها إلا الله كسائر الصفات، فإن أهل السنة يؤمنون بأسماء الله وصفاته، ويعلمون معانيها، ولكن لا يعلمون كيفيتها بل لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما لا يعلم كيفية ذاته إلا هو تعالى وتقدس عما يقوله النفاة والمشبهون علوا كبيرا، ولهذا قال مالك رحمه الله وغيره من أهل السنة: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب. وهكذا يقال في سائر الصفات والله أعلم.

وأما القيام عند دخول الأستاذ فظاهر الأحاديث الصحيحة يدل على كراهته أو تحريمه، كحديث أنس رضي الله عنه قال: «لم يكن أحد أحب إليهم - يعني الصحابة - من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا لا يقومون إذا رأوه لما يعلمون من كراهيته لذلك (١) » رواه أحمد والترمذي، وقال حسن صحيح غريب.

ولا ينبغي للأستاذ أن يرضى من الطلبة بذلك، لحديث معاوية رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال: «من أحب أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده في النار (٢) » أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد جيد وقد حسنه الترمذي، وأخرح أبو داود بإسناد فيه ضعف عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا فقمنا إليه فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا (٣) » وأخرجه أيضا أحمد وابن ماجه، وذكر هذه الأحاديث الحافظ محمد بن مفلح في (الآداب الشرعية) صفحة


(١) سنن الترمذي الأدب (٢٧٥٤) .
(٢) سنن الترمذي الأدب (٢٧٥٥) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢٢٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/١٠٠) .
(٣) سنن أبو داود الأدب (٥٢٣٠) ، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٣٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>