للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٦٤ و ٤٦٥ المجلد الأول، وقد استثنى بعض أهل العلم من هذه الأحاديث القيام للقادم من السفر للسلام عليه ومصافحته أو معانقته، وكذا من طالت غيبته، واستثنى بعضهم قيام الولد لأبيه لإكرامه والأخذ بيده، وقيام الوالد لولده إذا كان أهلا لذلك، والمراد القيام للسلام والمصافحة، وهذا الاستثناء صحيح، وقد دلت عليه السنة الصحيحة، منها ما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للصحابة لما قدم سعد بن معاذ للحكم في قريظة: «قوموا إلى سيدكم (١) » والمراد: القيام للسلام عليه وإنزاله عن دابته، وفي الصحيحين أيضا عن كعب بن مالك «أنه لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد والناس حوله لما أنزل الله توبته قام إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فصافحه وهنأه بتوبة الله عليه ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم (٢) » وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت فاطمة رضي الله عنها إذا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قامت إليه فأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها، وإذا دخلت عليه قام إليها النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه (٣) » فهذه الأحاديث صريحة في جواز مثل هذا وأنه لا يدخل في القيام المكروه، وأما ما يفعله بعض الناس اليوم من القيام للأستاذ ونحوه كلما دخل عليهم لتعظيمه لا للمصافحة ونحوها، وإنما يقفون ثم يجلسون تعظيما له واحتراما، فلا شك في كراهة ذلك وإنكاره، وأنه لا يجوز للأستاذ ونحوه أن يرضى بذلك لما تقدم في حديث معاوية وغيره، وأحق الناس بامتثال السنة والتأدب بآدابها هم العلماء والمعلمون وطلاب العلم ورؤساء الناس وأعيانهم، لأن


(١) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٤٣) ، صحيح مسلم الجهاد والسير (١٧٦٨) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢١٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٢) .
(٢) صحيح البخاري المغازي (٤٤١٨) ، صحيح مسلم التوبة (٢٧٦٩) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣١٠٢) ، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٩٠) .
(٣) سنن الترمذي المناقب (٣٨٧٢) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>