ومن ذلك أيضا: أنه يعينهم على ما قد يحتاجون إليه في حمل ميتهم ودفنه، فعلى كل تقدير اتباع الجنائز فيه مصالح كثيرة، ولو لم يكن فيه إلا أنه يذكر بالموت وما بعده، ويدعو إلى الاستعداد للآخرة والتأهب للقاء الله عز وجل لكان هذا كافيا، فكيف وفي ذلك مصالح أخرى؟ ثم في ذلك هذا الأجر العظيم، أنه يحصل له بالصلاة قدر قيراط، قدر جبل من الأجر، وبالصلاة والدفن جميعا مثل الجبلين العظيمين من الأجر، وهذا فضل كبير وخير عظيم.
وروى البخاري رحمه الله في صحيحه بلفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل جبل أحد (١) » ، وفي هذا بيان أن هذا الاتباع يكون إيمانا واحتسابا، لا للرياء والسمعة ولا لغرض آخر، بل يتبع الجنازة إيمانا واحتسابا إيمانا بأن الله شرع ذلك، واحتسابا للأجر عنده سبحانه وتعالى، وفي ضمن ذلك هذه المصالح الكثيرة؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من
(١) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (٩٢٦٦) ، والبخاري في (الإيمان) برقم (٤٧) .